يثار السؤال كثيرا عن كيفية تنمية المهارات الإبداعية ، وطريقة الارتقاء بالذائقة الأدبية ، وقدرة الصياغة الناصعة المشرقة والمعبرة عن الأفكار ، وقد شغلني السؤال ، وحاولت تلخيصه بأنه القدرة علي اكتساب الملكة الأدبية ، بمعني أنها مزيج من الموهبة والخبرة الأدبية ، أما الخبرة الأدبية فتأتي من قدرة المبدع في التعامل مع حالاته الإبداعية ، وقدرته علي استثارتها ، وتنظيم إجراءات التعامل مع لحظات إبداعه ، وتعظيم الاستفادة من تلك اللحظات الهامة للمبدع ، وهذا الموضوع من الأهمية بمكان لأصحاب الأقلام ،إذ أن أهم ما يشغل الكاتبين هو تلك القدرة الممتازة علي امتلاك الأدوات الفنية بإجادة تامة ، مع مواكبة المستجدات والتفاعل معها .
بداية الخبرة الأدبية ليس لها قيمة بدون ذاك القبس الذي يختال في فؤاد المبدع ، وعنه ينشأ في أدائه الإبداعي بل هي الروح التي تسري في جسد الكلمات ، فالموهبة وأصالتها هي الأساس ، والتي ينجم عنها لحظة الإضاءة الذهبية بكل عطائها والوهج الكامن فيها ، خصائص تلك اللحظة وكيف يتعامل معها الأدباء ، وطقوس الكتابة ، وتكنيك ( طريقة ) الكتابة ... إلي آخره ، وتلك الثنائية الهامة الحرفة والموهبة هي التوليفة التي تنشأ عنها سائر الآثار الأدبية ، وصحيحا أن الاعتبار الهام للموهبة ، ولكن ما أشبه الموهبة بالجوهر المطمور في جوف الصخر ، وباطن الأرض ، إذا لم تتم عملية التعدين للاستفادة الدائبة من هذا المعدن النادر النفيس ، وتلك هي الحرفة الأدبية ، والأخيرة تنمية للموهبة من حيث القدرة علي صقلها ، وبعث الشرارات الوهاجة من المعدن بالمزيد من العناية به ، وهذا البعث هو سر الإبداع ، وأمل الأدباء ، وعمليات التعدين ( اكتساب الحرفة والخبرة الأدبية )